بسم الله الرحمن الرحيم

حينما وجدت نفسي في واقعٍ جديد, يتمثل بالعمل عن بعد. كان امراً في غاية الروعة!:d

حيث تمكنت من خلق توازن في حياتي الشخصية لم يتسنى لي تحقيقه من قبل. فبعد ما كنت منطوياً في مكتبي المتواضع, منتظراً مرور الدقائق كالساعات, ومحاولاً كسر الوقت بالخروج لتناول وجبة الغداء او إعداد كوب قهوة, لأكمل ما تبقي من اليوم بنشاط.
ذلك كان المفر من واقع أن بيئة العمل متمثلة بدرجةٍ عالية من التوتر و الطحن فيما بين موظفي هذا المشروع الضخم; فكل اجتماع هو معركة بحد ذاتها, والحرب تكون بكسب النقاط لصالحه, بحيث يتمكن من الخروج بقرارات مصيرية تجعله الموظف المثالي في أعين مدرائه, مهما كانت الوسيلة.

إن حجم وساعات العمل من اهم المؤشرات للإحساس بالإنتاجية لدى الموظف. ومهما كانت الظروف, فالإنسان مجبر على تحمل واقعه حتى يصل بضميره ما يجعله يؤي الى فراشه قرير العين, يشغل باله بما سوف يعمل عليه غداً.
والاحساس بالإنتاجية ناهيك عن قياسها, تكمن في خلق حياة افضل لك ولمن حولك, نحو الطمأنينة و الاستقرار وبتذليل المشاكل التي قد تواجهها او تواجه مجتمعك او بعض شرائحه, حيث أن رؤية اثرك الشخصي في تسهيل امور الحياة لطالما كانت مصدر سعادة وفخر والهام.

وبالطبع المال جزءٌ لا يتجزأ من حياتنا, ولتتمكن من توفير حياة كريمة لك ولعائلتك, لابد أن تعمل جاهداً في محاولة توفير المستلزمات واحياناً كماليات; لا سيما ان اختلط الحابل بالنابل في معرفة الاحتياجات من الرغبات. لكن هذه طبيعة المجتمعات التي تتأثر وتؤثر ببعضها البعض. وفلح من كان اثره خيراً.
ومن صفات المجتمع الصحي المتناغم أن تكون شرائح المجتمع بجميع انواعها منسجمة, قادرة على النمو معاً الي ما هو أفضل لصالح الجميع.
حيث أن المال والحرية بينهما علاقة طردية في المجتمعات الحديثة, متى ما رغب الانسان بمزيد من الحرية ذهب بكل طاقته لكسب المزيد من المال حتى يتسنى له خلق قاعدة مالية أمتن, تمكنه من الالتفات الى حياته الشخصية والعمل على تحسينها. لكن قل من لم يتجاوز حدود الواقع واصبح يلتف في دائرة مغلقة, يحوم بالقلق والسعي نحو مكاسب شخصية.

إن العمل على صنع إطار شخصي يتناسب مع محيطك يمكنك من العمل بوضوح نحو أهدافك التي ستجعل حياتك مستقرة وتبعث في نفسك طاقةٍ متجددة تستغلها في صنع تحديات جديدة راغباً في توسيع بصمتك فيما تراه ذا منفعة.
والانسان بطبيعة حاله متقلب المزاج والاطباع, في تحدي مستمر بين تحقيق أهدافه والمحافظة على مبادئه.
وتلك المبادئ هي ساحة النقاش في امور الحرية الشخصية, فمن تنازل عن أحد مبادئه من أجل لقمة عيشه لا يتساوى مع من طعن في مبادئ غيره لمكاسب وهمية.

ولا ننسى قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا) وحديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال: « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا».
وبهذا يكون الانسان في توازن من الرضا و السعي.

شكراً لكم.